مريم يسري: ”فخورة أني خسيت.. السمنة مرض وأنا اتخلصت منه”
الأكثر مشاهدة
وقف الأهل في حيرة، محاولين العثور على ملابس بحر (مايوه) تناسب طفلة في السابعة من عمرها، ولكن وزنها الزائد اضطرهم أن يشتروا لها ملابس الأكبر سنا، بدأت الشقيقات في السخرية "البسي أي حاجة وخلاص"، من الممكن أن يصف كثيرون الموقف بأنه "بسيط" و"عادي"، ولكنه لم يُمح من ذاكرة الطفلة، وترك أثره داخلها لسنوات طوال.
بدأ الوضع يزداد سوءا مع وصول مريم يسري لسن المراهقة، فكانت تحب الأكل ولا يوجد ما يثنيها عن تناول ما تريد في أي وقت، فوصل وزنها إلى 120 كيلوجرام، ورغم محاولات تجربة الوسائل كافة من أجل خسارة هذا الوزن "جربت الحقن والبرشام والريجيم العادي، ده غير الكريمات" باءت جميعها بالفشل.
لم يكن الوضع مريحا، لم تحب مريم شكلها، فرغم أنها كانت تتناول كل ما لذ وطاب، إلا أنها كانت تُحرم من أن ترتدي الملابس المصممة لمن هم في عمرها، ويؤذيها تعامل الآخرين، بداية من الأسرة التي رأت الموضوع يخرج عن المعقول "بدأوا يقولوا لي كفاية كده، بطلي أكل ده مش منظر واحدة"، وحتى الألعاب الترفيهية مثل "المراجيح" التي لا تستطيع الاستمتاع بها، والأصدقاء "لما كنت بخرج معاهم الناس يفتكروا أني مامتهم"، للدرجة التي جعلت شخص رأت فيه حبيبا يتركها "قالي سيبتك عشان (...) أرفع منك".
ضغوط نفسية صدمتها، ولكنها لم تدفعها بشكل كاف للتخلص من وزنها، حتى جاءت المرحلة الفارقة في عمرها، حين كانت في الثامنة عشر وأُصيبت باضطرابات في الهرمونات بسبب المراهقة وزيادة الوزن، أدت إلى تعرضها لنزيف استمر 22 يوما، فعلمت ساعتها أن صحتها والحفاظ عليها تفوق أي اعتبارات أخرى.
بعد بحث وجمع للبيانات كافة، وزيارة للأطباء وإجراء للتحاليل، قررت مريم أن تجري عملية "تدبيس المعدة"، لم توافق الأسرة، ورغم رغبتهم في أن تصبح مريم بصحة جيدة ومظهر أفضل، كان الخوف عليها سببهم للرفض، ولكن مريم كان لها رأي آخر "يعني هيحصل إيه تاني أكتر من كده؟! ده أنا مش عارفه أتحرك من مكاني".
وفي يوم أصبحت تحفظه عن ظهر القلب "7/9/ 2014 الأحد الساعة 9 صباحا"، أجرت مريم العملية لتبدأ معها القرار ببدء حياة جديدة بقرارت تُغير من النمط الذي كانت تسير عليه "قبل العملية بكام ساعة أكلت 3 مرات من هارديز.. كنت عارفه أنه مش هأكل تاني"، كمن يودع مرحلة من حياته يعلم جيدا أنها لن تعود.
بعد ثلاث سنوات من إجراء العملية، توقن مريم أنها "عملية العمر"، فأصبحت تحيا سنها، ولا تبدو أكبر منه، وتستمتع بعمرها الـ 21، بعد أن خسرت 60 كيلو جراما من وزنها، وفقدت معهم الرغبة في تناول الدهون "آخري أكل 4 ملاعق أرز، ومش بقدر أكتر"، معتبرة أن هذا لم يأتِ دون مجهود، ولكنه نتيجة 4 أيام قضتهم في المستشفى بعد العملية مباشرة معتمدة فيهم على السوائل فقط، وجرح مفتوح في البطن يُخرج الدهون.
تفضل مريم شكلها الحالي، وتنظر إلى صورها القديمة "عيني كان فيها كسوف، لكن بعد كده بقيت واثقة في نفسي"، فكان وزنها يشعرها بالخجل، ويفقدها الثقة بنفسها "كنت مش بحب أخرج، واتكسف أروح مثلا اعمل skitting وأقع وشكلي يبقى وحش".
تدرس مريم النظم والمعلومات وتعمل الآن في شركة "يوني واي" للتوكيلات التجارية، وزادت ثقتها في نفسها "بقيت بشوف في عيون الناس التقدير والاحترام، والتعامل على أني قيمة"، وتتذكر كيف اختلفت نظرات أصدقائها والمحيطين بها، وأصبح أغلب أصدقائها الرجال يرغبون في الارتباط بها، كما كان لها رد فعل قاس مع من لم يتقبلوا شخصيتها بأي شكل "حد من أصحابي، قالي لو كنت شوفتك وأنتي طخينة، استحالة كنا هنبقى أصحاب، فقطعت علاقتي بيه".
يسعدها أنها تستطيع ارتداء ما تريد، دون أن تضطر لسماع "معندناش مقاسك"، تكلفت عمليتها 20 ألف جنيه، وتشعر أنهم وجهوا للطريق الصحيح، فهي تفخر بخسارتها لهذا الوزن "أنا عملت إنجاز، وبفتخر أني كنت طخينة، ده كان مرض واتخلصت منه".
الكاتب
هدير حسن
الأحد ٢٩ أكتوبر ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا